Sunday, June 21, 2015

العالم السفلي


في الصوره نموذج الكون لدى الانسان القديم والعالم السفلي

(وخشية اﻻنوناكي تطيل ايامك على هذه اﻻرض )...مقطع من اسطوره سومريه
"مخافة الرب تزيد الأيام وسنو المنافقين تَقْصُر" (الأمثال: 10: 27).
العالم السفلي او الهاويه لدى الانسان القديم هو عالم تحت الارض في تصوره ويسمى شئول (sheol) في التوراه
إن الأتقياء يرتعبون من الهاوية، وهكذا انزعج الملك حزقيا الصالح، فأطال الله حياته خمسة عشر عامًا. وهذا تأكيد على أن جزاء الإصلاح ليس في الدار الآخرة بل على هذه الأرض، ولهذا جاءت الوصية "أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك" (خر 20: 13). "يا ابني لا تنس شريعتي.. فإنها تزيدك طول أيام سني حياة وسلامة" (أم 3: 1 و2). ويقول الدكتور سيد القمني "وكان أعظم عقاب رباني يلحق بإنسان هو أن يموت، حتى أن الله ذاته كثيرًا ما كان يلجأ إلى هذا السلاح السريع المفعول لإنزال عقابه على العصاة، فيميتهم ليذهبوا إلى عالم تحت الأرض (الهاوية). أما الإنسان المخلص ليهوه، فكان يهوه يزيد في سني عمره وفي حياته الدنيوية الأرضية. فالتوراة تحكي {وكان عير بكر يهوذا شريرًا في عيني الآب فأماته الرب} (تك 38: 7). وهذا {أونان. أفسد على الأرض.. فقبح في عيني الرب ما فعله فأماته أيضًا} (تك 38: 8- 10). وذاك الملك التقي الورع (حزقيا) يخبر النبي إشعياء بقرب موعد موته، ويرجوه أن يتوسط لدى الرب يهوه، وأن يُذكّر (يهوه) بأفضاله عليه، فينقل إشعياء الرسالة ليهوه، ويتلقى الرد {اذهب وقل لحزقيا هكذا يقول الرب إله داود أبيك. قد سمعت صلاتك. قد رأيت دموعك. وهآنذا أُضيف إلى أيامك خمس عشرة سنة} (أش 38: 5) لذلك فإن {مخافة الرب تزيد الأيام. أما سنو الشرير فتُقصَر} (أم 10: 27) لأن شيول تساوى بين الجميع"(1).
ب- الهاوية مكان الرعبة كما جاءت في الأساطير، وهكذا وصفها أيوب الصديق "قبل أن أذهب ولا أعود. إلى أرض ظلمة وظل الموت. أرض الظلام مثل دُجى ظل الموت وبلا ترتيب واشراقها كالدجى" (أي 10: 21، 22).
جـ- الهاوية في العالم الأسفل كما جاءت في الأساطير، وهكذا جاء في وصفها في سفر التكوين، فقيل عن يعقوب "فأبى أن يتعزى وقال إني أنزل ابني نائحًا إلى الهاوية" (تك 37: 35). وقيل عن الملاك الساقط "لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب" (أش 14: 15).
د-الهاوية هي أرض الصمت والسكوت في الأساطير لذلك طلب جلجامش من أنكيدو أن لا يحدث صوتًا، وهكذا جاء وصفها في سفر المزامير "لولا أن الرب معيني لسكنت نفسي سريعًا أرض السكوت" (مز 94: 17). "ليس الأموات يسبحون الرب ولا من ينحدر إلى أرض السكوت" (مز 115: 17).
هـ- يقول فراس السواح أن الهاوية لا تخضع لسيطرة يهوه، لكننا نعلم مؤكدًا أن هذا العالم لا يقع تحت سيطرة يهوه، وأن الأموات هناك لا يعبدونه، ولا يسبحون بحمده. ففي المزمور 6 نجد صاحب المزمور يطلب من الإله أن يخلصه من الموت ليطيل من حمده له وشكره على نعمه، ويذكّره بأن أهل العالم الآخر لا يسبحون له {عد يا رب. نج نفسي. خلصني من أجل رحمتك. لأنه ليس في الموت ذكْرك. في الهاوية من يحمدك} (مز 6: 4، 5)(2).
و- يقول فراس السواح أن الكتاب المقدَّس يشابه الأساطير في سيطرة القوى العمياء على الهاوية. ويحدثنا سفر الجامعة عن سيطرة القوى العمياء على شيئول وعن ضرورة تزود الإنسان بما يستطيع من هذه الحياة لأن بعدها يأتي النسيان. فنقرأ في الإصحاح التاسع كلمات تشبه إلى حد بعيد كلمات فتاة الحانة إلى جلجامش {اذهب كل خبزك بفرح واشرب خمرك بقلب طيب. لتكن ثيابك في كل حين بيضاء.. إلتذ عيشًا مع المرأة التي أحببتها.. لأن ذلك نصيبك في الحياة وفي تعبك الذي تتعبه تحت الشمس. كل ما تجده يدك لتفعله فافعله بقوتك لأنه ليس من عمل ولا اختراع ولا معرفة ولا حكمة في الهاوية التي أنت ذاهب إليها} (جا 9: 7- 10)(3).
ز- يرى فراس السواح أن فكرة الهاوية في العهد القديم مرت بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: تميز الهاوية بالسكوت المطبق، وهذه الفكرة تتمشى مع فكر موسى النبي الذي أدان بآراء "إخناتون" الذي أنهى عبادة "آتون" التي تميزت بالتركيز على الحياة الأخرى.
المرحلة الثانية: عندما استقر الشعب اليهودي في أرض كنعان "وتسربت للدين معتقدات الفلسطينيين والكنعانيين والآراميين، وبدأت فكرة العالم الأسفل بالتوضيح أكثر فأكثر لتأخذ شكلًا قريبًا من معتقدات السومريين والبابليين"(4).
المرحلة الثالثة: وهي فترة السبي البابلي "وهناك احتك المسبيون بالديانة الزارادشتية -عند جيرانهم الفرس- التي تؤكد على الحياة الأخرى تأكيدًا مطلقًا، فيوضح اللاهوت الزرادشتي بكل دقة وتفصيل حياة العالم الآخر. فبعد الانتصار النهائي "لاهورامزدا" الإله الممثل للقوة الخيرة والضياء والنظام على "أهريمان" الإله الممثل لقوى الشر والظلام والفوضى، يتوَّج أهورامزردا إلهًا واحدًا أحدًا مطلقًا على الأكوان، وتُبعث الأموات من مرقدها إلى يوم الحساب، فيوضع أمام كل إنسان ميزانه الذي يزن حسناته وسيئاته، فمن زادت حسناته فإلى نعيم دائم ومن كثرت سيئاته إلى جحيم مقيم. وبعد المحاكمة يمشي كل واحد على درب يوصله للجنان وتحته تتوقد ألسنة اللهيب. فأما الظالمون فيضيق الدرب بهم حتى يعدو كالشعرة، وأما المفلحون فيتسع لهم فيسيروا الهوينا سالمين"

No comments:

Post a Comment