الإلحاد في مصر
احتلت مصر المركز الأول عربيًّا في عدد الملحدين بها، حسب مركز «ريد سى» التابع لمعهد «جلوبال» الذي حصر العدد في مصر بـ 866 ملحدًا، وأعقب المؤشر تقريرًا صادرًا من مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية، تحدث فيه حول تشويه الجماعات الإرهابية التكفيرية لصورة الإسلام من خلال تطبيق مفهوم خاطئ للإسلام، وتقديم العنف والقتل وانتهاك حقوق الإنسان على أنها من تعاليم الإسلام من أهم أسباب الإلحاد.
وقال الشيخ إبراهيم رضا أحد علماء الأزهر إن ظاهرة الإلحاد ليست وليدة اليوم، بل هي امتداد تراكمي لسنوات سابقة؛ لعدم وجود خطاب ديني حقيقي يحاور الشباب على أرض الواقع، ويجيب عن الأسئلة كافة التي يبحثون عن إجابات حولها، مضيفًا أن الأوقاف عليها عامل دور كبير جدًّا في مواجهة الإلحاد؛ لأنها ليست مسيطرة على مساجدها سوى 60 آلاف فقط من أصل 120 ألف مسجد تابع لها، الأمر الذي يؤدي إلى توغل بعض التيارات داخل تلك الأماكن الشاغرة وفرض فكرها عليه.
وأشار إلى أن وصول التيار الديني وجماعات الإسلام السياسي للحكم صدَّر انطباعًا سيئًا عن الإسلام، إضافة إلى الممارسات الشاذة الفكرية، التي تنفر الشباب من الدين”.
وأردف “كما أن بعض الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الإسلام ستارًا لها مثل “داعش” وأنصار بيت المقدس وغيرهما، ساهمت في إعطاء صورة كاذبة عن الدين، فبدلاً من أنه كان يطلق التكبير من أجل الفرح، صار نسمعه مقترنًا بذبح المختلفين مع هؤلاء”، مطالبًا مشيخة الأزهر بضرورة التحرك لتقديم دوره في  رأب الصدع والتواصل مع هؤلاء الشباب بالندوات والمساجد وقصور الثقافة، كما طالب بتفعيل وإنشاء قناة للأزهر وميثاق شرف إعلامي بألا يتصدر الفتوى في القنوات والصحف إلا المصرح لهم بذلك.
فيما يرى الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن عدد الملحدين في مصر أقل بكثير ممن هو موجود على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن الجماعات التي تتبنى الفكر المتشدد في دعوتها للإسلام هي السبب وراء انتشار تلك الظاهرة.
واتهم “كريمة” جماعة الإخوان والدعوة السلفية بكل أركانها بشكل صريح في المساهمة في نفور الشباب عن الدين بدعوتهم الوهابية التي تعطي صورة سيئة عن الإسلام، وطالب بضرورة أن يكون هناك موقف حازم تجاه تلك التيارات، داعيًا إلى العودة لصحيح الإسلام الوسطي والابتعاد عن الفكر الوهابي المتشدد والأفكار التكفيرية.
وأكدت الدكتورة سوسن الفايد، أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الشباب من الجيل الحالي وغيرهم قد يحتاجون إلى الإجابات عن بعض الأسئلة التي يرونها محيرة من وجهة نظرهم كقضية الوجود.
وتابعت “تلك الأسئلة المشروعة قد يقابلها جمود فكري عند بعض الأشخاص والجماعات التي تتحدث باسم الدين، ولا تخرج عن إطار النص، وترفض مخاطبة هؤلاء الشباب بخطاب عقلي يتسم بالمرونة واللين، والنتيجة يكون هروبهم وأخذ صورة خاطئة عن الدين”.
وطالبت “الفايد” أجهزة الدولة كافة، خاصة وزارة التربية والتعليم، بضرورة استيعاب هؤلاء الشباب من جهة، والأزهر والأوقاف أن يقوما بدورهما في نشر الفكر الوسطي من جهة أخرى.